ليالي شهرزلد
الأمسية الثانية
أغمضَ النهارُ عينيه بذبول.. فظهرَ قصرُ الأسطورة الشهرياريُّ وكأنّهُ شُيِّدَ على جَفنينِ تلألأ عليهما حّباتُ البريق مكياج.. وكانت الأهدابُ متشابكةً حولهُ كالسياج...!
شهرزاد.. قابعةً في حجرتها والقلبُ يتحدّثُ بسيرةِ الشّوقِ والعتب.. فما زالَ مسيطراً على مناخِ مليكها بعضُ الغّضَب..!
وشهريار.. واضعاً خدّيهِ في كَفّيهِ ومُطرقٌ يتبادَلُ أطرافَ الحَديثِ مع كبريائهِ وعَطفُ قلبه.. كان الملكُ يُحاولُ إقناعَ طَرَفٍ ثالثٍ لا يقبلُ شهريارُ بدءَ أيَّ جَلسةِ قبل حُضورهِ.. سواءَ كانت جلسةَ مُغلقةً أو سيقوم بتغطية مُجرياتها الإعلام.. هذا الطرفُ المهم.. هو العقلُ الذي يُمسِكُ بزمام الأمور.. والذي لا بُدَّ من توقيعه على أي قرارٍ قبلَ تنفيذه.. فهكذا يَجِبُ أن يكونَ طبعُ حال الأفذاذ من الملوك...!
فحين أمسكَ عقلُ شهريارَ بأداةِ إشهارِ الصّوت حين جاء دوره ليتكلم قال:
أقترحُ شُروطاً يا صاحبي إذ بَدَّ البُدُّ للصلحْ.. وسندرسها الآن كي تُفرَجَ الغُمّةَ قبلَ الصّبح.. ففي شورطي صمّامٌ يمنعُ تكرار تسرُّبِ السّبَب.. الذي النفور ما بينكما جَلَبْ...!
كان الملكُ مُنصتاً لمُستشارهِ بإعجابِ المغرورين.. ومُبتسماً من قلبهِ كأطيبِ الطَّيبين...!
هي ذي الشروط فهيا نستحريها.. فهتافُ العَقلِ ما زالَ على خاطرِ شهريارَ يُلقيها.....
( يا تَعسُ شَهرزادَ إن عادت للغيرةِ ثانيةً من قوافي قصائدَكَ يا شهريااار..! ويحَها لو كرَّرَت التَّسَلُُّلَ إلى عاصمةِ المعاني مُحاولةً إيجادَ أحد المعاني التي لا تقصدُ شَخصها بالذات..!!
ثكلتكِ أمُّكِ يا شهرزادُ إن شَكَكتِ لَحظةً بأن هناكَ اسمٌ يبدأُ بحرفِ الشينِ عالقٌ بذاكرةِ الشهريارُ غيرَ اسمُكِ...!
فَكَفَ يا ملكةَ القَصرِ.. يَطعَنُ مَن فَداهُ النّاجي؟! أنسيتِ يَومَ وَثَّقَ بِشُعاعِ عينيهِ على سُجادَةَ عينيكِ يومَ لقائكما الأوَّل؟!
أجل.. عَلا صوتُ فؤاد الشَّهريارِ وتردَّدَ بين أضلاعهِ وفي خَلَجاتِه...لقد حان وقتُ إنهاء المقاطعة.. آتٍ اللحظةَ إليكِ يا شهرزادُ مصافحاً.. فلا تَعبسي في وجهِ من جاءَ مُصالحاً...وارفُلي بثوبِ الصّفاءِ على عتبةِ حُجرتِكِ فالتقيني...!
يَقِفُ الملِكُ بابِ الحُجرَةِ.. تسمَعُ الملكةُ خطوهِ فتعرفهُ.. تَقِفُ مكانها بوقارٍ مُجّهةً نظرةَ عَتَبٍ مُبلَّلَةً بالدّموع....
يَقتربُ منها الملكُ وقد أسدلَ من عينيهِ منديلَ عطفهِ ليمسضحَ دمعها.. وهو يَهمسُ لها: هذه الدّموعُ ما أغلاها فكيفَ تسكبينها يا شهرزاد..؟!
شهرزادُ صامتة....!
هنا يُحرِّكُ الملِكُ إحدى عَينيهِ كأنّهُ يُجَرِّبُ تصميماً فوتوشُبّيّاً مُتَحَرِّكاً يًعرِضُ حركتي الليلِ والنّهار....
تبتَسِمُ شهرزادُ بِخضجَلٍ ثم تُطرِق..فيشُدُّها من يدها ويَخرُجُ بها إلى الشُّرفةِ القضمَريَّة.. ياسمينيّةِ الشَّذى والمنظر.. و....
كوكوكوكوووو
لاح الصّباااح.. وسَكَتَت شهرزادُ عن الكلااامِ المُباااح..
كنتم مع..
ليالي شهرزاد
كتبتها لكم من وحي خيالها..
همس الخاطر
وهذه تحيتها لكم مع كل الإحترام..