ليالي شهرزاد
الثالثة
من حيثُ يبتهجُ بها قلبُ القصر وصاحبهُ ملك الزمان وفارس الطوفان.. أطلت شهرزاد بثوبها وقد نثر على أطرافه من ورود الحدائق.. وكان مزاجها جِدُّ رائق.. تمشي الوثوقَ بخَطوها.. والسعد يشرقُ من عينها.. وعلى مبسمها يبرُق أرقُّ ابتسام.. ويفوحُ من أكمامها شذى التُّقى والطيب والنّقاء وحُسنُ الالتزام...!
الرّضى برؤيتها يسيطرُ على عيني الملك.. يمنحها لين جانبه عن قناعة.. ويحترم ما تقدّمهُ له من حقوقٍ ببراعة...
وبعد... يُزيحُ خيالي عين الكاميرا قليلاً لتأتي بمشهدٍ آخر....
عشبٌ في طرف الشرفة مُبتهجاً بتقبيل جبين الملك السعيد وهو ذاكرٌ لرب الوجود.. وداعياً لرفيقة دربهِ ولنفسه بأن يُسكِنَ اللهُ روحاهما دنيا الخلود.. حيثُ اللا فناء.. فحُبُّهما فوق مستوى ما يُدفَنُ في التُّراب.. ويزيدُ عن حجم محبّةِ كل الأحباب منذ بدء الخليقة وإلى أن تصبح الدنيا سَراب...!
تتابعُ الملكةُ ملاك آفاقها بأشواقٍ متجدّدة.. حتى ينهي صلاته والتسبيح والابتهال.. فتبادره بالدعاء من قلبٍ أحبّه بأن يقبل الله منه.. ويُدخلُه الجنّة.. فيردُّ بابتسامةٍ وهمهمةٍ نمَّت عن نوبة خجلٍ تنتاب فخامته.. فتضحك بسرورس شهرزاد.. فيتبعها الملك بضحكةٍ توافق ظنّها بأنه مُحرَجٌ من دقّةِ قرائتها لمشاعره وأفكاره... ستار.
مشهد جديد..
يجلس الملكان على مائدة الطعام.. تقول شهرزادُ بعد أن أنهى شهريارُ طعامه وأخذ منديلاً تغارُ هي من طبطباته على وجه الملك:
في شوقٍ أنا يا شقيق روحي لرؤية الأهل في بلدي فلسطين.. فما رأيك برحلةٍ نزورهم ثم نعود إلى مملكتنا السعيدة..؟!
فيُفكِّرُ الملكُ قليلاً ثم يتبع: لك ما شئتِ يا شهرزاد.. وابدئي بالإعداد للسفر إلى أرض الاسراء والمعراج.. فكم أشتاقُ للصلاةِ في المسجد الأقصى وقُبّة الصَّخرة..
تنهَّدت شهرزاد من أعماقها وأمسكت بيد الملك وضَغَطَت عليها بحنانٍ وقالت: حقَّقَ اللهُ أمنياتك وأسعد قلبك كما تسعدني دائماً يا ملاكي وتاج رأسي.. يبتسمُ شهريارُ ويضعُ يده الأخرى على يدها ويهمس: إن لم أسعد شهرزادي.. فكيف يهنئ لي بال..؟!
- لا حرمني الله منك وجعل يومي قبل يومك يا من تفديكَ أيامي وعمري كلّه...
كوكوكوكوووووو
لاح الصباح.. وسكتت شهرزادُ عن الكلام المباح